أشياء فاتتني..قائمة رغبات ولدتْ ميتة

لا يتوقف المرء طوال حياته عن الحسرة، الحسرات متراكبة، والندم يقضم قلبه فيما فعل – لو أنني لم أفعل – وفيما لم يفعل – ليتني فعلت.
هذه الدوامة لا تنتهي، لكن المرء بعد مرحلة عمرية معيّنة يرضى! يسلّم! يتأقلم؟ ينضج؟ لا أدري ما المصطلح الأدق الذي يستخدم هنا، لكن يتوقف عن ملاحقة الأحلام الضائعة.
لا أقصد هنا بالأحلام تلك التي يتبادر إلى ذهنك حين تسمع كلمة”أحلام”.. لالا هذه ليست مقام الحديث هنا، أتكلم عن الأشياء البسيطة التي تراها من بعيد وترى أنك تحبّ تجربتها لكن ربما الظروف لم تسعفك، أو الوقت تأخر عليها، أو فاتت لذّتها المتعلقة بالوقت ( وكثير من اللذات متعلقة بالوقت المناسب، ولو جاءتنا لاحقاً لما التفتنا إليها).


النفس تحبّ الاستعجال – وكان الإنسان عجولاً – في أموره كلّها، يرغب بأن تتحقق أحلامه في الوقت الذي يرغبه هو، بمعزل عن أي سياقات أو مصالح مؤجلة، يظنّ -المسكين- أنّ الكون مسخّر له كي يلبي رغباته فقط ( جماعة طاقة الجذب لا أصيدكم).
طيب.. هذه مقدمة مملة أعرف، لكني رغبت بقولها لأدلف على لبّ الموضوع الذي أريده وهو تحرير للأشياء التي رغبتُ بها يوماً، لكنها اليوم لم تعدّ تمثل لي إلا حلماً لذيذاً راودني يوماً ما وعشتُ معه في خيالي ثم انقضى.

الحلم الأول: أن يكون لي أخ/أخت أصغر مني

رغبتُ دوماً أن يكون لي أخ أو أخت أصغر مني، وباعتبار أني – آخر العنقود – ووالديّ توفيا، فهذا الرغبة لن تتحقق.
شعورك بأنك تشهد تقلبات الحياة لأخٍ أصغر منك، وترى كيف ينمو كشجرة فرعاء، وتشهد على تفاصيل سلوكه، ونزواته، ومراهقته، وتتبادل معه الأسرار، وترشده فيما تعرفه قبل أن يقع فيه، ومن ثم تفرح له حين ينجح نجاحاً باهراً وتفخر به، وتقول لنفسك: أخي الذي كان طفلاً الآن غدا رجلاً ملء إهابه!
قد تكون مجرّد رغبة سخيفة، لكني أحبّ لو كان لي أخ أصغر.

الحلم الثاني: الرسوب في أحد الصفوف الانتقالية أو في الجامعة

لستُ من المتفوقين، وإن كان مستواي الدراسي جيّد – وفي بعض الأحيان جيّد جداً – لكني دائماً كنت أحبّ تجربة شعور أن أرسب في صفّ ما، لأرى ماهي الآثار المترتبة عليّ؟ أو أن أتأخر في التخرج الجامعيّ سنة أو سنتين مثلاً.

الحلم الثالث: سنة استراحة بين الثانوية والجامعة


صعوبة تحقيق هذا الحلم ليس متعلقاً بالوقت، ولا بمعارضة الأهل، إنما بسبب آليات القبول الجامعيّ التي تجعل الالتحاق بالجامعة بعد النجاح في الثانوية “شرطاً” يعتبر لاغٍ إذا مرّ عليه سنة واحدة، صحيح أنّ بعض الطلّاب يسجّل في الجامعة (سنة أولى) ثم يوقف تسجيله، لكن ما كنتُ أريده غير ذلك تماماً.
كنت أرغب بأخذ مساحة خاصة أجرّب فيها ما أحبّه فعلاً خلال هذه السنة، قبل اختيار التخصص الذي سأمضي فيه بقيّة عمري المهني.


الحلم الرابع: السكن منفرداً (سواء في السكن الجامعيّ أو قبل الانخراط في سوق العمل)


للسكن وحيداً ميزات كثيرة، يعتمد فيها الشاب على نفسه، وتدبير أموره اليومية تمنحه فرصة لاكتشاف ما يجيده وما يحسنه، يضاف لذلك شعور بالاستقلالية المؤقتة التي تجعل نظره للأشياء سليماً، ويضع الأمور في نصابها.

أعلمُ أن بعض هذه الأحلام يمكنني تجربتها الآن، لكن كما قلتُ لكم سابقاً أنّ عامل الوقت هو المهم فيها، وليست مجرّد التجربة.

وأنتم.. ماهي الأحلام المؤجلة الخاصة بكم؟

الاثنين21رمضان 1442هـ الموافق لـ3 مايو2021م.

* مصدر الصورة البارزة:unsplash

27 تعليقات

    • جميل جداً.. صراحة ما فكرت بالأخ التوءم لكن بعد قراءة تعليقك أحسب أنها تجربة لطيفة.
      تعلّم اللغات ربما الوقت يسعنا لتحصيلها حتى لو متأخراً.

  1. كان نفسي يكون عندي أخ أكبر مني بس فاتتني لأني الكبرى إلا إذا طلع لي أخ صدفة من هون ولا هناك 😂🏃🏽‍♀️

  2. كان دايمًا نفسي يكون عندي أخ أكبر بس طبعًا أنا الكبرى إلا إذا طلع لي أخ سري من هون ولا هناك 😂🏃🏽‍♀️

  3. قرأت أول أمنية وضحكت. من طفولتي كانت عندي أمنية غير معقولة أن يكون لي أخ أكبر. قبل أيام عدت أفكر في هذه الأمنية بحنين الطفلة نفسه. أتساءل عن شكل الحياة لو حدثت. شكرا للتدوينة المواسية!

  4. قرأت هذه التدوينة البارحة وسألت أخواتي عن أحلام طفولتهن التي فات أوانها، وعندما بدأت أنا بتذكُّر أحلام طفولتي تفاجأت؛ اكتشفت أن أغلبها ما يزال مِن أحلامي إلى اليوم!
    وضحكت من نفسي، قلت ربما لهذا يأتي الشعور بالثقل، فأنا أجرّ أحلام طفولتي معي إلى اليوم.

  5. جميلة جدا هذه الأمنيات، ولكن أتعلم أغلبها جربتها وعشتها حرفيا
    تمنيت أن تكون لي أخت كبرى، دور الأخت الكبرى متعب جدا ولكن له حلاوته ومميزاته بالتأكيد، بالنسبة للأخ الأصغر شيء رائع أن تلاحظ تطوره منذ ولادته وهو ما أعيشه مع أخي أسامة ذو 11 سنة.
    الإغتراب للدراسة أعيشه ولي رغبة قوية بأن أدرس في جامعة أقرب إلى المنزل.
    إعادة السنة الجامعية لا أنصحك بتجربتها لأن آثارها الجانبية صعبة ولا يمكن تجاوزها بسهولة، ولكن تعتبر تجربة جيدة إلى حد بعيد.
    بالنسبة لأخذ فاصل بين الثانوية والجامعة عشتها كذلك هههه ولكن أعدت خلالها البكالوريا حتى أحصل على معدل جيد يؤهلني لدخول كلية أحلامي.
    ولكن في المقابل لي أمنيات أخرى.

    • ماشاء الله، شايفة كيف تكون أحلام بعض الناس أمور عادية عند آخرين.
      وعسى تتحقق كل أحلامك في خير وعافية.

  6. من عجائب هذه التدوينة أنني لم أفوّت شيئًا في هذه القائمة! وإن لم أتمنّ خوض الفقرتين ٢و٣ بالتأكيد.. توقفتُ عن الدراسة لسنة بين الثانوية والجامعة، ورسبتُ في مادة “الإحصاء” في أحد السنوات.. أما تجربة الاستقلال في السكن؛ فأقرّ وأعترف بأنه كان ينبغي ألا يفوتك، الشعور رائع! لكن لعلك الآن تأنس بصحبة زوجتك الطيبة.. دمت بخير⭐️

    • أكرمك الله يا ياسمين ونفع بك، فعلاً تجربة الاستقلال مميزة، وإن كنت جرّبتها لمدة قصيرة (3 أشهر) لكنها غير كافية.
      جمعك الله مع تحبين على خير وطرح في حياتكما السعادة والبركة.

  7. أشاركك الحلم الأخير بدأت أحلم به حين كنت في الثانوية وحاولت في البكالوريوس ، ثم أثناء الماجسيتر ، ولم يتحقق إلى الآن !! وأرى أن أجله اقترب..

    ولطالما تمنيت لو تعلمت بعض المهارات حين كنت أصغر مثل السباحة والكروشيه و اللعب بلوح التزلج 🏂!

    ودائما ما أحلم لو كان لي توأم ، أو حتى لو عندي أخوة توأم 💭

  8. ياااه.. تدوينك تدعو للتفكّر طويلا .!
    فكرتُ فيه قائمة أحلامي التي لم تنتهي ولم تتوقف.. ولعلي أشارك بعضها.
    ١- كثيرًا ما كنت أحلم، وأتخيّل لو أن عندي أختًا فقط! لا أدري كيف سيكون شكل الحياة بالنسبة لي لو كانت عندي أخت، أصغر أو أكبر لا يهمّ!
    ٢- يطري لي أحيانًا فكرة السفر مع صديقة، أرجو أن يحصل ذلك في المستقبل.
    ٣- في فترة من عمري تمنّيتُ فيها لو عملتُ في رياض الأطفال، وجربتُ تدريسهم لفترة مؤقتة وأختبر فيها شخصيتي وقوة تحمّلي..

    تدوينتك تشجعني على التفكير أكثر!

    • الله يسعدك يا آلاء..سعيد بتعليقك والله
      وربنا يعوضك خير عن الأخت الشقيقة بأخوات وصديقات قريبات منك.
      وبإذن الله تحققي ما تبقى منها

  9. من الامنيات الي كنت متعلقة فيها ، هي السكن مع صديقاتي في سكن واحد ، نقوم مع بعض ونذاكر ونطبخ ونسهر مع بعض 😂
    بس طبعا الان مستحيل تتحقق بحكم اني متخرجة من الجامعة وام لطفلين

  10. 1. كنت في طفولتي أتمنى أن تكون لي أخت، حتى إنني كنت إذا رأيت صديقة لأمي حبلى أقول لها أحضري طفلين واحدة لي والآخر لك!
    أما الآن فأرجو أن لو كان لي عشر إخوة ذكور لا ثلاثة فقط.
    والعجيب أنني لما كنت في المرحلة المتوسطة حين أخبرتني أمي أنها تفكر في أن تكبر أسرتنا رفضت رفضا قاطعا وحزنت كثيرا .. رأيتني لن أستمر طفلة والداي الوحيدة المدللة بل سيأتي من يسرق مكاني، ثم إنني كنت كسولة ولم يعجبني أن أتولى أعمال المنزل والطفل 🙂
    2. أما الرسوب فكارثةٌ يحمد اجتنابها..
    قد كنت طالبة متفوقة في المدرسة ثم دخلت الجامعة فدرست صعبا لا أحبه ورسبت فأعدت السنة الدراسية، وقد كان الرسوب وبالا عليّ كرهت به نفسي واحتقرتها، فاحمد الله أن نجاك.
    أذكرني ما كتبته في تمني الرسوب، أنني كنت أستغرب تلعثم المتلعثمين، وكنت أحاول تقليدهم بتعمد التلعثم، وها أنا تعرضت لشيء ما أثر في نطقي وكلامي وعقلي فندمت وتمنيت رجوع أيام الإبانة بالكلام.
    3. كنت أرجو أن أدرس شيئا هواه في الجامعة وأن أعيش وحدي ، ولم يقدر هذا، وأنا نادمة على استعجالي وعدم انتظاري عاما أتريث فيه وأبتّ في أمر الجامعة.. سبحان الله لم أنتظر خشية التأخر (أن أتخرج بعد زملائي) وها أنا قد رسبت ولن أتحرج مع زملائي وها أنا أيضا أدرس ما أبغض، فيالحماقة التسرع، ويالحماقتي

اترك رداً على Parapluieإلغاء الرد