كما يحصد التاجر حصيلة ربحه آخر العام؛ أجلس مع دفتري ( وفي رواية أدقّ حاسوبي) لأحصي أرزاق العام المنصرم وأنا لا أعلم لو يكتب الله لي شهود العام المقبل أو لا.
لم أدخل في سباق مع أحد لأجل إنهاء عددٍ من الكتب، ولا يهمني إطلاقاً لو غيري قرأ ألفَ كتاب أو أكثر في سنة، الأمر كلّه متعلق عندي “بالفائدة الشخصية مضافاً لها المتعة في السير” فلو أني خرجتُ بكتابٍ واحدٍ لكان كافياً لي.
ومنذ زمن طويل لم تعد تهمني الأرقام، ولا صراع الكمّ والكيف، هل نقول كبرنا على مثل هذه الصراعات؟ ربما، هل هو النضج الذي يقولون عنه؟ لا أعتقد لكن لعله!
سبب الاختيار
ليس هناك سببٌ منطقيّ لاختيار هذه القائمة من قراءات العام سوى أني أحببت الوقت الذي أمضيته في القراءة، ولم أشعر أبداً بضغط الانتقال ركضاً لإنهاء الصفحات التي بين يديّ، بل كانت الرحلة تشبه المشي في طريق طويل مُعشب، وكل خطوة تسلّمني إلى جمال لاحق.
لذا فهي “اختيارات شخصية” وليست ترشيحات بطبيعة الحال، فالأذواق تختلف من قارئ لآخر.
الكتاب الأول: سيرة عادية لشخص عظيم (ستونر)

قرأتُ الرواية قبل مدة لكني كنت مستعجلاً فما ركّزت كثيراً فيها، أما الآن فالقراءة كانت بغرض المتعة الخالصة، وقد تحقق هذا الغرض.
لعل من أجمل ما تمنحه لنا الكتب العظيمة ليست المعلومات القيّمة بالضرورة، بل الشعور بأنّك عشت حياة مضاعفة بعد فراغك من القراءة، مع (ستونر) لم أشعر بالوقت، وكنتُ في كل مرّة متلهفاً لمعرفة ماذا سيحدث، وأي مسار سينقلب لتتخذ الحبكة شكل الدراما وتتصاعد الأحداث، لكن الغريب أنّ أي من هذه الأشياء لم تحدث، بل تكاد تعرف التفاصيل قبل أن تصل لنهايتها، وهذا سرّ عظمة العمل! أن يريك العاديّ في صورة غير عاديّة.
لا زلتُ أغبط كل من لم يقرأها بعد.
الكتاب الثاني: مسألة شخصية

من الكتب التي طال انتطاري لها وكانت تستحق كل هذا الصبر، رواية من النوع الذي يلصق بالذاكرة ولا يغادرها بسهولة.
شكراً خلود على التوصية.
الكتاب الثالث: غراميات

في السرد والتفاصيل والإثارة فالإسبان متفوقون، ستجد في هذه الرواية الخيانة والعذاب، والأسئلة غير المجابة، والقلق من أن تكون شخصاً آخر غير الذي تعرفه عن نفسك. الكاتب الذي يُدخلك غابة السرد الكثيف دون أن يجعلك تفلت يدك من يده ويوصلك إلى برّ النهاية وأنت مستمتع طوال الرحلة؛ هذا الكاتب يستحق أن تلتفت إليه.
هذه الرواية كانت من هذا النوع.
الكتاب الرابع: الاعتبار

لو أردتها سيرة ذاتية فهي كذلك، ولو أردتها تاريخاً فهي كذلك، ولو أردتها أنموذجاً للكتابة النثرية القديمة التي تشبه الخواطر واليوميات لوجدتها أكثر من ذلك.. استمتعت جداً بقراءة هذا الكتاب واستفدتُ منه أشياء وغرائب لا أظنّ أنّك واجدها في مكان آخر.
الكتاب الخامس:الاقتصاد كما أشرحه لابنتي

أحبّ الكتب البسيطة التي تشرح مفاهيم عويصة، وخصوصاً “علم الاقتصاد” المعروف بأنّه من العلوم المشتبكة.
في هذا الكتاب رحلة ممتعة يكتبها الأب بلسان المحبّ لابنته ويشرح ويشرّح لها تفاصيل ما كانت ستعرفها لو قرأتها في كتب ضخمة، الكتاب أعدّه من أساسيات الكتب في فهم علم الاقتصاد ورحلة الأموال في عالمنا المعاصر.
الكتاب السادس: مفتاح دار السعادة

أنا منحاز كلياً لابن القيم رحمه الله، وأحبّ كل ما كتبه وإن كانت بعض كتبه لها مكانة عندي تفوق الكتب الأخرى، وهذا الكتاب منها.
من الأشياء التي أحبها في ابن القيم رحمه الله (المنهجية) في الكتابة والأسلوب الممتع الذي لا يدع لك مجالاً لأي سؤال أو استفسار إلا ويجيبك عليه على سَنن الأولين بما يعرف باسم [الفنقلة] وكل هذا بأدلة قوية وحجج دامغة.
الكتاب عن العلم وطرقه وفائدته وسبيل تحصيله، وعن دحض الخرافات والأقاويل الباطلة بالعلم أيضاً.
الكتاب السابع: سيّان

من قرأ لآغوتا كريستوف الثلاثية سيحبّ هذا الكتاب وإن لم يكن بمستواها، قصص قصيرة مكتوبة بحِرَفيّة وإتقان، آغوثا تشبه البستاني الذي يشذّب أطراف الحديقة كي تبدو أجمل وأنضر، وهي تفعل الأمر ذاته مع النص، فلا كلمة زائدة ولا كلمة ناقصة.. كما يقولون: تلبس النص ردائه المناسب بلا بهرجة ولا تقتير.
هذه الكتب هي أبرز ما علقَ بذهني من قراءات، ولا أنكر أنّ هناك كتباً أخرى نافعة ومفيدة ومميزة قد غفلتُ عنها أو نسيتها لكن الأمر – كما ذكرتُ في أول التدوينة – لم يكن بغرض المسابقة ولا التفضيل، بل المتعة الصرفة.
وأنتم أصدقائي؛ ماهي الكتب التي رافقتكم هذه السنة وكانت خير رفيق لكم في رحلة القراءة وتركت بصمتها عليكم؟
مصدر الصورة البارزة: هنا
تدوينة جميلة يا صديقي، وأشاركك الافتتان بكتاب فاروفاكيس. استغربت من عدم ذيوعه حتى اللحظة.
أما البقية فلم أقرأها رغم أني شاركت في صدور أحدها 😂
يسعدك يا صديقي، ممتن لقراءتك
والله الكتاب جميل جداً وأحببته، خليني أخمّن الكتاب، هل هو “ستونر”؟
لن أجيبك 😛
😂 😂 طايب
[…] فادي و7 اختيارات دقيقة. […]
فادي الجميل، شكرًا على مشاركتك لنا قائمتك.
يسعدك يا طارق.. الشكر لك
مقالة للسرقة من رأسها وحتى أخمصها..
يا محلا السرقة إذن 😎
[…] بـ 7 عناوين.. أجمل قراءات العام 2021 […]