تلخيص كتاب [ عمل عميق ] قواعد لتحقيق نجاح مركز في عالم مشتت

“في حجرة عزلتي، أجلس مع نفسي، وأحتفظ بالمفتاح معي طوال الوقت، ولا يسمح لأي أحد بالدخول دون موافقتي”

كارل يونج


والكتاب أساساً مقسّم لجزأين [ نظري وعملي ]

 الأول ( النظري ): يشرح فكرة العمل العميق والدلالة على أنّه مهم وضروري وخصوصاً في عالم الاقتصاد المعرفي الآني.

والثاني ( العملي ) تطبيقات عملية لكيفية الدخول في مثل هذه الحالة والاستمرار فيها.

لنبدأ بالكتاب.. بسم الله!

تعريف  العمل العميق: “هو مجموع الأنشطة المهنية التي تؤدى في حالة عالية من التركيز المتواصل الذي يدفع قدراتك المعرفية إلى أقصى مدى. وتخلق هذه الجهود قيمة جديدة وتطور مهاراتك، ومن الصعب استنساخها”.

فيكون العمل السطحي:هي المهام التي لا تطلب معرفة، وذات طابع لوجستي وتؤدى في أثناء تشتت الذهن، وتلك الجهود غالباً لا تصنع الكثير من القيمة المستحدثة ومن السهل استنساخها”.

فبالتالي؛ العمل العميق ليس مجرّد شعور بالحنين للماضي قاصراً على كتّاب وفلاسفة بداية القرن العشرين، بل هو مهارة لها قيمة كبيرة في عالم الأعمال اليوم.

فنظرية الكتاب ملخصها في: “إن القدرة على أداء عمل عميق أصبحت نادرة بشكل متزايد، لكنها في الوقت نفسه أصبحت تمثل قيمة كبيرة في اقتصادنا، ونتيجة لذلك فإن القليلين الذين يصقلون تلك المهارة ثم يجعلونها جوهر حياتهم سوف ينجحون”.

العمل العميق ذو قيمة

يؤكد في هذا الفصل أنّ هناك 3 أصناف أساسية هي التي ستكون “واجهة سوق العمل الاحترافي” وهم: العمال فائقو المهارة، والنجوم، وأصحاب الأعمال. الصنف الأول الذين يستطيعون العمل بشكل واعي وجيد مع الماكينات الذكية، الصنف الثاني الذين يعتبرون الأفضل فيما يفعلونه، والصنف الثالث الذين يتوفر لديهم رؤوس الأموال.

والرابط بين هاته الأصناف قدرتان لو أتقنها المرء للحلق بركبهما:

  1. القدرة على إتقان الأشياء الصعبة بسرعة.
  2. القدرة على الإنتاج بمستوى متميز يتناسب مع كل من الجودة والسرعة.

فتكون المعادلة كالتالي:
[ إذا لم تتعلم لن تنجح _ و إذا لم تنتج لن تنجح ] ويؤكد أنّ العمل العميق يساعدك على تحقيق هذين الهدفين بدقة وفعالية.

إنتاج عالي الجودة = الوقت المستنفذ * التركيز الشديد

ثم يعرّج على شرح فكرة [ رواسب الانتباه ] المتعلقة بفكرة [ تعدد المهام ]  وإثبات أنّ هذا الفعل مضر للعقل ومرهق للنفس على المدى القريب والبعيد .

طبعاً هناك بعض المهن والأعمال التي لا تحتاج للعمل العميق ومع ذلك يكون صاحبها ناجحاً، لكنها مقارنة بالأعمال المتبقية فهي نسبة ضئيلة جداً.

خلاصة الفصل: العمل العميق ليس المهارة القيّمة الوحيدة  في اقتصادنا، ومن الممكن أن نبلي بلاء حسناً دون تعزيز تلك المقدرة، لكن المواقع التي ينصح فيها بذلك هي تكون نادرة جداً.

العمل العميق نادر

أصبح هناك توجه عام وخصوصاً عند الشركات الحديثة لتنبي نمط من العمل يقوم على 3 بنود رئيسة:

  • التعاون التصادفي [ نظام المكاتب المفتوحة مثل فيسبوك وتويتر ]
  • التواصل السريع [ شركات الخدمات السريعة والطلبات ]
  • الحضور النشط في مواقع التواصل الاجتماعي [ الفنانين والأدباء والصحفيين بحجة الترويج لمنتجاتهم ]

طبعاً لا يمكن الإقرار بنجاح هذه الأنماط وتعميم التجربة على باقي الأعمال والمهن لأنّها غير ملموسة، وغير قابلة للقياس، وسمّاها الكاتب أزمة “مقياس الثقب الأسود”.

إضافة لهذا الأمر هناك مبرر ثاني لعدم القدرة على إثبات نجاح هذه الميزات، وهو ما يسمى بمبدأ [ المقاومة الأقل ] والذي يقوم على فكرة بسيطة وهي: “في محيط العمل، بدون وجود تغذية راجعة واضحة عن تأثير السلوكيات المختلفة على المحصلة النهائية، سوف نميل ناحية السلوكيات الأسهل في الوقت الحالي”.

فكّر الآن بأمرين: كتابة مخطط لمشروع تخرجك أو تصفح الفيس بوك أيها أسهل؟

وهذا يقود لسياسة أخرى تتبعها بعض الشركات لقياس جودة الأعمال وهي:
[ الانشغال كبديل للإنتاجية ] والتي تعني أنّ القيام بالكثير من الأشياء المرئية الملموسة أهم من جودة هذه الأعمال.
وهذا لا يعبّر بالضرورة عن أنّ الانشغال = المشغولية [الإنتاجية ] .

آخر فقرة لطيفة في هذا الفصل بعنوان [تمجيد الإنترنت ] وهي فكرة مفادها أنّ أي نشاط لشركة، مؤسسة، عمل، بمجرد كونه على الإنترنت فهو شيء جيّد، وطبعاً دحضَ الكاتب هذه الفكرة بذكاء وأدلة ( يراجع الفصل الثاني باب تمجيد الإنترنت ص 68- 73 ).

العمل العميق هادف

” لقد جعلني عالم الطرق السريعة للمعلومات والفضاء الإلكتروني أشعر بالبرد وخيبة الأمل” بهذه العبارة صدّر المؤلف الفصل هذا النقل عن  “ريك فورير” الحدّاد المتخصص في أعمال الحدادة العتيقة اليدوية. والهدف من هذا الفصل التأكيد أنّ العمل العميق قد يولّد الكثير من القناعة في اقتصاد المعلومات كما يفعل بوضوح في الاقتصاد الحرفيّ.

وسيكون التأكيد على هذه النظرية مبنيٌ على 3 حجج [ منظور عصبي – منظور نفسي – منظور فلسفي ] .

المنظور العصبي: خلاصة هذه الحجة مرتكزة على رأي الكاتبة في مجال العلوم [ جالاهير ] التي أصيبت بمرض السرطان من النوع المتقدم والسيء جداً فكان هذا المرض سبباً في تأليف كتابها الشهير [ rapt ] التي تلخص فيه: “ماهيتك وما تفكر فيه وماتشعر به وتفعله وتحبه- كل هذه الأشياء هي خلاصة ما تركزّ عليه”.

وقصدها أنّ التركيز الموجه نحو الأشياء المهمة حقاً هو ما يساعد في المضي قدماً في الحياة سواء كانت العقبة مرض خطير، أو عمل شاق، أو تجربة حياتية قاسية، وطبعاً العمل العميق يدعم هذه النظرة بقوة.

المنظور النفسي: وهذه الحجة مرتكزة على دراسات عالم النفس [ تشيكسنتميهالي ] الذي أصدر مع شريك له عدة دراسات لدراسة ارتباط المشاعر بجودة الأعمال التي يقومون بها، وتوصل إلى نتيجة قد تكون غريبة ومعاكسة للنظرة العامة السائدة للفراغ والعمل وهي: “الناس يُعتبرون أسعد حالاً في العمل وأقل سعادة في حالة الاسترخاء” وهذا يدحض فكرة أنّ العمل العميق مرادف للضغط والتوتر والقلق المستمر، بل قد يكون الانغماس في عمل عميق منتج هو أفضل حلّ لمعالجة التوتر والقلق.

وهناك دراسات علمية تُثبت الرابط بين السعادة وحالات التدفق أثناء العمل* مراجعة كتاب [ flow ] .

المنظور الفلسفي: والحجة هذه المرّة مستندة إلى أفكار كلاً من [ دريفوس ] و[ كيلي ] اللذان نشرا كتاباً بعنوان
[ all things shining ] ويطرحان فيه نظرية القداسة والمعنى على مرّ تاريخ الثقافة البشرية، والخلاصة أنّ الشيء الذي منح المهن القديمة [ اليدوية بشكل خاص] أهميتها هو هالة المعنى الذي تقدمه للبشر بشكل ملحوظ
[ فالحدّاد يرى أثر صنعته فوراً بعد الفراغ من عمله، والنجّار كذلك وسائر المهن اليدوية ] على عكس الأعمال المعرفية المعاصرة التي ربما أخذت وقتاً طويلاً في رؤية الأثر، فيقولان: “ليس هناك شي جوهري فيما يخص الحرف اليدوية عندما يتعلق الأمر بتوليد مصدر محدد للمعنى، وأي مسعىً سواء بدني أو ذهني يدعم مستويات عالية من المهارة يمكن أن يولد شعوراً بالقدسية”.

الخلاصة: أنت لا تحتاج لعمل نادر، بل تحتاج إلى رؤية نادرة لعملك:

العمل العميق يساهم في خلق شعور بالمعنى للعمل الذي تؤديه سواء كان مهنياً أو يدوياً أو ذهنياً، ويحوّل العمل المعرفي إلى شيء يمنحك الرضا ويملئ عالمك بالأشياء البراقة والرائعة.

القواعد:

القاعدة رقم 1:

العمل بعمق

“للأسف تحوّلت الرغبة  لتصبح هي القاعدة بدلاً من أن تكون استثناء”.

بهذه العبارة التراجيدية بدأت القاعدة الأولى من أساسيات العمل العميق والتي تؤكد أن إنسان العصر الحديث أصبح مشتتاً بامتياز.

المعرفة النظرية سهلة لكن التطبيق العملي صعب، كلنا نعرف أن العمل العميق شي حيوي ومهم وأن التشتت مضر وسلبي، لكن من منا يتخد خطوات جدية لتجاوز هذه العقبة؟  هذا ما يريد هذا الفصل ترسيخه.

لعل أفضل فكرة في هذا الفصل هي:
[ أنت تمتلك قدراً محدوداً من قوة الإرادة، ينفد كلّما استخدمته ] أيّ أن قوة الإرادة ليست شيئاً خارقاً يكون معك طوال الوقت.

لذا فالانتقال من العمل السطحي للعمل العميق يكون شاقاً على النفس ( لأنه يستهلك قدراً كبيراً من الإرادة ) على عكس الانزلاق من الثاني للأول.

فالخطوة الأولى هي تحديد فلسفة عمقك ( يعني ماهو الغرض الرئيسي من اتباعك لسياسة العمل العميق؟ )
لأنّ أعمال البشر ليست واحدة وليس هناك أسلوب يصلح للجميع، وعليه اقترح الكاتب 4 طرق للبدء في العمل العميق:

  1. فلسفة الاعتكاف في جدولة العمل العميق:
     والتي تعني الانقطاع الكلّي عن كل المشتتات والمشاغل بهدف العمل، ولكل شخص طريقة في ترتيب هذا الانقطاع إما إخبار الآخرين أنك تريد ذلك، أو الانقطاع فجأة دون إنذار. ( مثال ذلك الكاتب الشهير ستيفنسون ) يراجع الصفحة 107-108 .
  2. فلسفة الازدواجية في جدولة العمل العميق:
    هنا أنت لست مضطراً للانقطاع الكلّي لكنك تسعى لتقسيم وقتك بجدية، بحيث يكون لديك وقت مخصص وقيّم ولا يُتنازل عنه للعمل العميق، وفي الوقت الباقي يكون لديك باقي الأعمال أو للقيام بالأشياء التي تميل النفس لها
    ( وأنا أعرف كثيرين من المنتجين يتبعون هذا النهج ) ومثال هذا عالم النفس الشهير يونج .
  3. فلسفة التناغم في جدولة العمل العميق:
    والتي تنص على أن أسهل وسيلة للبدء بانتظام في جلسات العمل العميق هي أن تحوّلها لعادة منتظمة بسيطة دون انقطاع، أو ما يعرف باسم ( السلسلة المتكررة ).
  4. فلسفة الصحافة في جدولة العمل العميق:
    وهذا النوع قد يكون خاصاً ببعض الأشخاص الذين لديهم قدرة عالية جداً على التركيز والتنقل بين الأعمال بحيث يضعون جهدهم كلّه في إنجاز ما يريدون دون تشتت، ثم يعودون للحياة العامة ثم ينغمسون متى ما واتتهم الفكرة وهكذا . مثال هذا النوع الصحفي الشهير إيزاكسون.

لا ريب أنّ لكل شخص طريقة معيّنة، لكن حاول أن تجرب إحدى هذه الطرق لتجد أيها أفضل بالنسبة لك.

والأفضل أن تتخذ طقوساً خاصة بك حسب وضعك وظرفك، دون انتظار للحظة الإلهام التي لن تأتي.( مثل تحديد أين ستعمل؟ ومتى؟ وكيف ستقيس جودة إنتاجك وكيف ستدعم نفسك في حالة التوقف؟ )

الفكرة الأخيرة في هذا الفصل هو القيام بتغييرات كبيرة، مثل تغيير بيئة العمل بشكل جذري، فإنّ الزيادة في الأهمية تقلل غريزة عقلك التي تدفعك نحو المماطلة وتوفر لك جرعة تحفيز وطاقة. ( مثال ذلك: الكاتب آلان لايتمان ) و ( بيتر شانكمان ).

وضع المؤلف نصائح من كتاب [ الضوابط الأربعة للتنفيذ ] يراجع هناك تحت بند نظرية الـ 4DX   خلاصتها ( ركز على المهم جداً – اعمل على إجراءات التقدم – احتفظ بلوحة نتائج مقنعة – ابتكر ايقاعاً من المحاسبة ) .

كن كسولاً

من ألطف الفصول الفرعية في الكتاب ويدعو فيها الكاتب إلى اتباع نظرية مفاداها أنّ “الكسل ليس مجرّد إجازة أو تحرر أو إثم، إنّه ضروري للعقل مثل فيتامين د للجسم، والحرمان منه يجعلنا نعاني محنة عقلية مدمرة، فهو للمفارقة ضروري لإنجاز أي عمل”.

ويقصد به الكسل الموجّه الذي تقوم به وأنت تعرف أنك كسول ( وليس الحالة العامة للكسل التي يقع فيها الناس نتيجة تقصير منهم ).

ولهذا الكسل 3 فوائد:

  1. التوقف يساعد الرؤى ( ويساعدك على رؤية الصورة كاملة بشكل أوضح ).
  2. فترة التوقف تساعد على إعادة شحن الطاقة المطلوبة للعمل العميق .
  3. العمل الذي يحلّ محل توقف المساء عادة لا يكون بهذه الأهمية.

ورقم 3 غرضها التأكيد على إغلاق أعمالك ومشاغلك في ساعة معينة وإلزام نفسك بعدم العمل بعدها مهما جرى، اللهم إلا في حالات الطوارئ القصوى.

القاعدة رقم 2 :

تقبل الملل

الملل ركن أساسي من حياتنا اليومية، والعمل العميق في أصله ليس حرباً عليه بل هو الوجه المشرق الآخر له، ونحن حقيقة غير مطالبين بالقضاء عليه بشكل كامل؛ بل فهمه، والعيش معه، إضافة لاستخدامه في صالح ترسيخ عادات العمل العميق.

ولفهم الملل علينا التأكيد أنّ ” القدرة على التركيز الشديد مهارة يجب التدرب عليها” فليس هناك تركيز عالٍ من المرة الأولى ( وهذا يدعم فكرة محاربة الملل الجزئي ).

لذا فاعتياد عقلك على التشتت يجعلك تنزلق نحو الملل بسرعة، وهذا ما يبرر قيامك بتصفح جوالك الذكيّ أثناء الانتظار، بحجة الاستفادة من الوقت، وفي الواقع أنت غير معتاد على الجلوس بدون عمل أي شيء أو مجرد الانتظار الخالي من العمل السطحي.

وعليه فالخطوات التالية تهدف إلى أمرين: 1- تحسين قدرتك على التركيز الشديد. 2- التغلب على رغبتك في التشتت.

الخطوة الأولى: لا تأخذ فترات راحة من الملهيات، بل خذ فترات راحة من التركيز

الانتقال من حالة التشتت لحالة التركيز ممكنة لكنها شاقة؛ لأنها تحمل في طياتها “رواسب الانتباه ” التي تكلمنا عنها في الفصل الأول، ولأنك بمجرد اعتيادك على الملهيات يصبح الانجرار لها أسهل.

فلو أردت مثلاً تدريب نفسك على عدم ولوج الإنترنت لنصف ساعة فالوقت بين عزمك على البدء حتى نهاية الفترة تسمى [ فترة المقاومة ] ومن الضروري عدم كسر هذ الحلقة، لأنها مهمة في بناء عادة الالتزام.

الخطوة الثانية: رتب وقتك ليكون فيه مساحة خالية تماماً من الإنترنت ( ولتكن بعد العاشرة مساءً ) لا تدخل فيه أبداً مهما جرى.

خلاصة القول: ” من أجل تحقيق النجاح في العمل العميق عليك بضبط عقلك كي يجد راحة في مقاومة المثيرات الملهية، وهذا لا يعني أن عليك التخلص من السلوكيات الملهية، بل يكفي التخلص من قدرة تلك السلوكيات على سرقة انتباهك.

والفكرة الأخيرة في هذا الفصل هي ممارسة التأمل الإنتاجي أثناء المشي أو ممارسة الرياضة بشرط أن يكون “تأملاً واعياً ” ومنتجاً لحلول مشاكل وليس مجرد شرود وسرحان في قضايا لا فائدة منها.

ولتدريب الذاكرة على هذا الفعل ينصح بقراءة فصول من كتاب [ رقصة القمر مع آينشتاين ] لجوشوا فوير .

القاعدة رقم 3:

الامتناع عن وسائل التواصل الاجتماعي:

المؤلف من أنصار البعد تماماً عن وسائل التواصل الاجتماعي فهو لا يملك حساباً في أي منصة تواصل ( تويتر فيس انستا سناب ) وليس لديه سوى إيميل شخصي للعمل ومدونة ينشر فيها أبحاثه ومقالاته، وقد يكون هذا تطرفاً منه لكن لديه أسباب شرحها في هذا الفصل وأثناء الفصول اللاحقة، ويقول إنه لا يُلزم أي أحد بتركها كلياً لكن يوضح لك أثرها ومن ثم يترك لك القرار في البقاء أو المغادرة.

بداية يوضح إنّ كل منصات التواصل هي [ أدوات ] وكونها أدوات فهي لها غرض معيّن تؤديه، ومتى انقلبت الآية فأصبحت الأداة غاية  وقع المحظور، ويقول إن الناس لديهم طريقتين لعلاج هذا الإدمان:
الطريقة الأولى : الانقطاع المؤقت لفترة مؤقتة
الطريقة الثانية: أخذ راحة صارمة لفترة طويلة

ويؤكد أن كلتا الطريقتين غير مجديتين على المدى البعيد لأن أثر التعلق سيبقى موجوداً، والحل برأيه هو اختيار منطقة وسط لاختيار أدوات الإنترنت في فهم العملية المتبعة في اتخاذ القرار الافتراضي ( بالبقاء أو الرحيل ).

ويقترح بدلاً عن الاستغناء الكلي أو المؤقت عنها مقارنة المكاسب الحقيقية بالخسائر المحققة ( الخسائر التي ربما تكون التشتت وقلة التركيز وعدم القدرة على العمل العميق بشكل فعلي ). ويضرب أمثلة لكتاب وفنانين ومشاهير ليس لديهم حسابات في وسائل التواصل وهم مرتاحون في ذلك ( أمثال جلاوديل ولويس وباكر ).

ويقترح اتباع نمط جديد للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي سمّاه [ قانون القلة الحيوية ] والذي يقوم على ركيزتين أساسيتين في فهم هذه الأدوات:

  1. تحديد الهدف المهني بدقة من الحضور في وسائل التواصل الاجتماعي.
  2. تحديد الأنشطة  الداعمة لهذا الهدف.

بعد تحديد الهدف المهني والأنشطة الداعمة سيكون لديك تصوّر عام عن فائدة وجودك في هذه المنصات من عدمها.

ويضع في نهاية هذا الفصل تجربة عملية للتخلص من الإدمان الرقمي خلاصتها التالي:

سجل خروجك من كل حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي بشرط عدم إخبار الناس بهذه الخطوة، ولمدة 30 يوم كاملاً  ( يفضل حذف التطبيقات لمنع النفس من الانجرار للوقوع في فخ العودة قريباً ).

بعد مضي الأيام الثلاثين اسأل نفسك السؤالين التاليين:

  1. هل كانت الأيام 30 لتصبح أفضل بشكل ملحوظ لو كنت قد تمكنت من استخدام الخدمة؟
  2. هل اهتم الناس بأنك لم تكن موجوداً؟

لو كانت الإجابة بلا في الحالين فالترك لها يجب أن يكون سهلاً ، لو نعم ابقَ، لو بين نعم ولا عليك أن تراجع أيها أكثر تأثيراً للترك والبقاء.

عموماً هذه الخطوة جربتها بنفس ولها ميزات كثيرة، وليس كل الناس يقدر عليها، لكنها مهمة حقاً في معرفة أثر هذه المنصات على النفس، ولا يشترط أن تكون مشتركاً في كلّ المنصات، وان تكون حاضراً فيها بشكل كثيف.

يراجع في هذا الفصل كتاب [ مصيدة التشتت  ]

الخلاصة : لا تستخدم الإنترنت لتسلية نفسك، أعرف أن هذا الأمر صعب لأن 80% من المواقع مصممة أساساً لسرقة انتباهك وتفاعلك.

لذا فالحرب بينك وبينها ستبقى قائمة حتى تقرر ضبط نفسك في حسن التعامل معها.

“إذا كنتَ تريد التخلص من الانجذاب الإدماني تجاه المواقع الترفيهية التي تستنزف وقتك وانتباهك فاشغل ذهنك ببديل جيّد، فهذا لن يحافظ على قدرتك على مقاومة الملهيات فحسب، بل سيجعلك قادراً على تحقيق متعة التركيز والعيش بدل من مراقبتها”.

القاعدة رقم 4 :


الحدّ من السطحية

هل بالإمكان تقليل ساعات العمل في مؤسسة ما مع بقاء ذات الإنتاجية والجودة؟ الجواب ببساطة نعم، وهذا ما حصل في شركة برمجيات [ بيسكامب ] حيث خفض العمل فيها إلى 4 أيام في الأسبوع فقط ومع ذلك بقيت الإنتاجية عالية بل وزادت!

السبب في ذلك هو أن كلّ عمل يتبع نظرية باريتو ( 80-20 ) الشهيرة، ولو قمنا بالتخلص من الأعمال السطحية وتحويل الجهود للعمل المنظم المركز لاستغنينا عن ساعات كثيرة مهدرة، واستبدالها بساعات ذات جودة عالية.

والغرض من هذا الفصل ليس التخلص من العمل السطحي بشكل كلّي بل التحكم في تأثيره على باقي العمل وتقليصه لأقل حد ممكن.

ويقترح لذلك الأمر حلول عملية:

  1. جدول كلّ دقيقة في يومك: قد تبدو الفكرة غريبة لكنك بعد استخدامك لها بأسبوع أو اكثر ستجد فائدتها على مستوى إنتاجك من خلال تعرفك بالضبط على مواضع الهدر في يومك.
  2. تحديد عمق كل نشاط تقوم به : غالبنا يبالغ بقيمة الأعمال التي يقوم بها، ولو دققنا فيها لوجدنا أن أغلبها أعمال روتينية يمكن الاستغناء عنها.
  3. انتهِ من عملك في ساعة محددة من اليوم اجعل هذا شعار دائم لك، ولا تساوم على أي دقيقة خارج هذا الوقت.
  4. كن صعب المنال ( أي لا تجعل الوصول إليك سهلاً دوماً ) .
  5. لا تجب على الرسائل فوراً إلا إذا كانت واضحة ومحددة وفيها قيمة.

الخاتمة: إن ترك الجموع المشتتة من أجل الانضمام إلى القلة المهتمة بالتركيز هو تجربة تحويلية في حياتك وتستحق الخوض.

خلاصة الكتاب يمكن أن تُدرج في الفقرات التالية:

  1. العمل العميق مهم ونادر وله آثار عملية على مسيرتك المهنية.
  2. التشتت حقيقة واقعة وكلنا قد نقع ضحايا له وليس مطلوباً منا التخلص منه بشكل كامل بل حسن التعامل معه .
  3. وسائل التواصل الاجتماعي أدوات مصممة لجذب الانتباه والإدمان، معرفتك بهذا الأمر يخفف من سلطتها عليك.
  4. قوة الإرادة محدودة وتنفد بالاستخدام.
  5. التدرب على العمل العميق يحتاج لوقت وصبر وليس في طرفة عين.
  6. رواسب الانتباه أبرز مخاطر التشتت [ وخصوصاً عند مدمني الانتقال بين المهام ] .
  7. يمكن لك النجاح دون اتباع نظرية العمل العميق وهناك أمثلة لذلك، ولكن فوائد العمل العميق لا يمكن أن تقارن بالحالات الأخرى.
  8. ليس هناك قواعد عامة تصلح للجميع، بل عليك أن تبتكر شروطك الخاصة حسب ظروفك.
  9. ربما يكون الكاتب مبالغاً قليلاً بشأن العمل العميق كونه بنى لبّ الكتاب على تجربته الشخصية، لكن هذا لا يقلل من أهميته.
  10. الكتاب ليس كلّ شيء، لكنه يمدك بإرشادات ولفتات مهمة وثمينة.

الكتاب من تأليف “كال نيوبورت” الطبعة الأولى 2018 _ إصدار مكتبة جرير_

7 تعليقات

  1. الله يجزيك الخير عالتلخيص …
    روعة والله ومعلومات مهمة جدااا💐

اترك رد